5 مشاهدات
كتب حسام مكناس
تضع روسيا قدمها في الشرق الأوسط من جديد فهل تنجح في بإعادة مجد الاتحاد السوفيتي بعد أربعة عقود من نجاح الولايات المتحدة الكبير في تهميش الاتحاد السوفييتي في الشرق الأوسط فإن روسيا تقوم بإعادة إحياء خطرها. وازدادت في عهد “ترامب” عملية الانفصال الأمريكي الجزئي عن المنطقة التي بدأت في عهد الرئيس باراك أوباما، وفي الواقع إذا استمرت الأمور كما هي فقد تحل روسيا محل الولايات المتحدة، إذ يظهر نفوذ روسيا المتنامي والخطير في جميع أنحاء المنطقة من المغرب إلى إيران، وهذا التحول هو جزء من الإستراتيجية الشاملة لفلاديمير بوتين المتمثلة في استعادة مكانة روسيا، وكل هذا كان نتيجة لدبلوماسية معينة مقترنة بالاستعداد لبيع الأسلحة ومفاعلات الطاقة النووية لمن يطلبها. وفي الوقت الذي ركز فيه الاهتمام الدولي على البرنامج النووي الإيراني لعبت روسيا في اتجاهين خطيرين في المنطقة: سباق بيع الأسلحة التقليدية الضخمة، ودفع دراماتيكي لشراء مفاعلات الطاقة النووية.
إن جميع برامج المفاعلات هي حول احتياجات مشروعة من الطاقة لكن البرامج النووية التي في الشرق الأوسط تتحول إلى برامج عسكرية. وأصبح حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة اليوم مترددين في مواصلة وضع كل أملهم الإستراتيجي وأمنهم في أيدي الأمريكيين، ومع أنهم يرحبون بنهج الرئيس ترامب المتشدد فإن ندوب الضعف الأمريكي بسبب سنوات أوباما لم تلتئم بعد، وعلاوة على ذلك فإن شخصية ترامب الفريدة قد أثارت الشكوك المستمرة فيما يتعلق بالثقة الأمريكية لذلك يقوم حلفاء الولايات المتحدة بوضع خطط احتياطية. لقد أدى غضب مصر من الدعم الأمريكي الضعيف وغير الكافٍ لنظام مبارك والعقوبات اللاحقة على مبيعات الأسلحة إلى تحسن كبير في علاقاتها مع روسيا فتم إبرام صفقة لأربعة مفاعلات نووية روسية في عام 2017، كما تمت استعادة الروابط العسكرية بما في ذلك بيع طائرات الهليكوبتر الهجومية ومنظومة اس 300، إلى جانب المناورات العسكرية المشتركة. لقد كانت مصر محور السياسة الأمريكية المعتادة في المنطقة منذ أن طردت السوفييت في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، وبقيامها بذلك أوجدت الأساس للأركان الثلاثة لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط حتى يومنا هذا وإقامة معسكر عربي معتدل وموالٍ للأمريكيين مع مصر والمملكة العربية السعودية، ومواجهة المنافسين الإقليميين مثل العراق وإيران وليبيا من خلال المعتدلين؛ وتعزيز السلام العربي – الإسرائيلي أيضاً من خلال دعم المعتدلين، والآن يشكل التقارب المصري الروسي ضربة قاسية للوضع الأمريكي. لعقود من الزمن حكمت صفقة غير مكتوبة العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية وهي الأمن مقابل الحصول على إمدادات مضمونة من النفط، وحتى في عام 1991 ذهبت الولايات المتحدة إلى الحرب دفاعاً عن السعودية واليوم أصبح السعوديون متقلبين؛ ففي عام 2017 أجرى الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا وتم التوقيع على صفقة لقذائف صاروخية من طراز اس 400 وصواريخ مضادة للدبابات. كان التدخل العسكري الروسي البسيط “والخطير بآن واحد” في سوريا ناجحاً بشكل ملحوظ، ما أدى إلى إنقاذ نظام الأسد دون أي تكلفة تقريباً لروسيا في ظل تكفل إيران وحزب الله بالقتال البري الدموي.
وأصبحت روسيا اللاعب الأساسي في سوريا اليوم، ولضمان وجودها على المدى الطويل والخطير هناك التزام سوري بمنحها قواعد جوية وبحرية لمدة 49 سنة، وهكذا أصبحت سوريا نقطة محورية في أهم القضايا الإقليمية بما في ذلك المواجهة بين الشيعة والسنة والحرب ضد تنظيم الدولة والتوسع الإيراني والصراع الإيراني – الإسرائيلي المحتمل، وأصبح موقف روسيا في سوريا خطيراً ويوفر لها التأثير على الجميع. دفع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني طهران إلى الاقتراب من روسيا حليفتها القديمة، وتعول إيران على روسيا للمساعدة في دحر نظام العقوبات الأمريكي ومنع أي إمكانية للقيام بعمل عسكري ضدها، وكانت روسيا قد زودت إيران بصواريخ “اس – 300” وزودتها بمفاعلها النووي الوحيد وقد تبيع مفاعلات أخرى لها. يبدو أن تركيا ستمضي قدماً في شراء صواريخ اس 400 رغم الاحتجاجات الشديدة لحلفائها في الناتو، كما يهتم المغرب والبحرين وقطر بتلك الصواريخ. وقد وقَّعت روسيا صفقة أسلحة خطيرة مع دولة الإمارات العربية المتحدة وهي تستكشف إمكانية الوصول إلى القواعد البحرية في ليبيا، كما تم توقيع اتفاقية تعاون نووي مع تونس.
Housam Makna